مدير النشر جمال الصعفضي
الحكومة تشل القطاعات الحيوية للدولة.
أقدمت الدولة في اسم المديرية العامة للضرائب على اجراءات ومساطر تعجيزية في حق الملاك وأصحاب العقار وذلك منذ فاتح يوليوز الجاري.لقد أسفر هذا الإجراء والمتمثل في منصة رقمية ,على توقيف أكثر من 90بالمئة من عقود البيع والشراء وتسجيل الممتلكات مما تسبب في بلوكاج عقاري نتج عنه ضياع كبير لمصالح المواطنين وشلل واضح على مستوى الرواج الاقتصادي والعقاري. إن اللجوء إلى هكذا منصات و المنزلة بشكل لا يتماشى والوضعية التقليدية للأوعية العقارية للبلد و دون مراعاة الخصوصية المغربية للإدارات الترابية ،ينم عن نية مبيتة وقرارات عشوائية غير مبنية على أسس الدراسة والبحث الميداني.الوضع الان جد كارثي لدى مصالح التسجيل والمحافظة، ملفات العقود تتراكم يوما بعد يوم لدى مكاتب الموثقين والعدول و المواطنين والمرتفقين صاروا تائهين حائرين في أمرهم ،لا هم في هذا الطرف ولا ذاك بعدما أصبحت أرزاقهم ومقدراتهم معلقة في منصات وأنظمة معلوماتية مبهمة .
إن مهندسي هذا النظام الجديد واللذين كانوا يهدفون إلى الرفع من مداخيل الدولة وتحصيل الضرائب والكلف بشكل جبري تسببوا في كساد وشلل اقتصادي غير مسبوق في ظل تفاقم الأزمة المالية التي تعيشها البلاد لأزيد من ثلاث سنوات بعد تبعات الجفاف وجائحة كورونا ، التي أتت على الأخضر واليابس.فبدلا من تسهيل المساطر وتذليل الصعوبات وتسهيل الولوج إلى العقار والحق في السكن والتملك ،لجأت الحكومة إلى تعقيد الأمر حيث كان بالأحرى نهج سياسة مغايرة تتجلى في مراجعة القوانين و تخفيف الأعباء الضريبية وتخفيض نسب الواجبات والرسوم من أجل تشجيع الاستثمار وترويج المخزونات الاستراتيجية الراكدة وتجديد البنى الحديثة والارتقاء بالمشاريع المستقبلية .التساؤل الكبير في ظل هذه اللخبطة هو لماذا لم يتم إشراك جميع المتدخلين في هذه العملية؟لماذا تم اتخاذ القرارات بشكل أحادي وانفرادي؟وكيف تم إغفال جميع المعطيات القديمة وتنوع الفاعلين العقاريين لعقود من الزمن منذ كان المغرب في طور البناء والتعمير؟وكيف يعقل أن يتم التعامل مع الملفات المطروحة للتوثيق بمنطق واحد يتساوى فيه اصحاب الشركات والخواص والمنعشين والتعاونيات وجمعيات الاقتصاد التضامني والدولة؟.من خلال كل هذا يتضح أن هناك أزمة اقتصادية وشيكة وستكون لها تبعات وخيمة على الإنتاج الوطني ،حيث سيؤثر ذلك على مناخ الأعمال وسيؤدي كذلك لانكماش الاستثمار بفعل فقدان الثقة في الدولة ومقرراتها في ظل تنافس الدول المحيطة بنا في خلق مناطق حرة وملاذات ضريبية مشجعة وتسهيلات وامتيازات
يتبع هذا الموضوع في انتظار التوصل بمعطيات رقمية وإحصائيات مضبوطة حول حجم الخسائر التي تكبدتها خزينة الدولة من جراء توقف عقود التوثيق والتسجيل منذ فاتح يوليوز 2024.