مدير النشر جمال الصعفضي
رائحة الاودية الحارة تزكم انوف التادلاويين .
تعيش مدينة قصبة تادلة ،طيلة الاشهر الاخيرة ،تكدسا للمياه الحارة على مستوى القنطرة القديمة حيث ازداد تركيز المقذوفات والانبعاثات نظرا لانقطاع جريان ام الربيع لما يقارب نصف سنة.جريان ام الربيع الدائم خلال السنوات الفائتة كان يخفف من آثار المصبات الرئيسية لمياه الصرف الصحي للمدينة. لقد استفحلت معضلة الانبعاثات الغازية بمجرى النهر نظرا لاستمرار ارتفاع درجة الحرارة وموجات الشركي ،الشئ الذي زاد من التفاعلات الكيميائية للنفايات السائلة والصلبة فأصبحت القصبة التادلية بين ريحين ،شرقية من جهة المطرح وغربية من جهة المصبات الحارة على امتداد طول النهر.من خلال استطلاع للرأي لساكنة المدينة القديمة ،المستيون،بودراع ،مجاط وحتى البام ،كل ساكنة هاته الاحياء اكدت انهم لايستطيعون النوم ليلا بسبب الرائحة الكريهة والكثيفة والمركزة وفي ظل نقص الاوكسجين من فرط السخونة.كما ان عددا من قاطني هاته الاحياء بدأت تظهر عليه اعراض لامراض والتهابات جلدية:حكة،طفوح جلدية مصاحبة لاحمرارات…دون الحديث عن الاشخاص الذين يعانون من مشاكل ضيق التنفس والالتهابات الرئوية.المؤخذات المسجلة من طرف المتضررين المباشرين هو التأخير الكبير في انهاء اشغال محطة التصفية المبرمجة منذ عقود من الزمن ،وكذلك الانقطاع الكلي لواد ام الربيع وتحويله لاغراض صناعية و للتزود بالماء الشروب لعدة مناطق جهويا ووطنيا، دون ترك حصة مائية تضمن حياة النهر وتجدد طبيعته واحيائياته ودون اعتبار للعدد الكبير لساكنة الواد المرتبطة به بشكل وثيق وتاريخي على طول مايفوق المائة كيلومتر حتى مصبه.
تادلة جارة للوادي،والوادي رمز قصبتها والسكوت المطبق لدى جميع المسؤولين على هذه المجزرة البيئية التي يتعرض لها “ام ربيع” من سد ايت مسعود حتى تادلة مثير للدهشة والاستغراب.آلاف الاصناف من الحيوانات والاعشاب النهرية ،تدمرت واضمحلت ،في ظل سكوت المنظمات البيئية والادارات المعنية بالمياه والغابات.المصبات العشوائية على مستوى النقط السوداء اججت اصناف حشرات المستنقعات والمجاري ،سواء الزاحفة،والطائرة وحتى العائمة .اين مركز حفظ الصحة الجماعي من هذه الحالة المزرية؟اليست وزارة الطاقة والمعادن ووزارة البيئة والماء مسؤولتان عن الانهار والاودية؟لماذا تتوارى المجالس الجهوية والاقليمية والمحلية ويتهربون من تنزيل مشروع تهيئة جنبات “ام الربيع” بقصبة تادلة والذي اعدت له دراسات منذ سنين وكان موضوع ندوات وابحاث علمية لجامعة السلطان سليمان للعلوم .؟
في ظل شح ونذرة المياه واستغلال نهر ام الربيع لتلبية الطلب الجهوي والوطني من الماء ،صار من الضروري والمؤكد ،التعجيل بتجميع المياه بمجرى المدينة والذي يعتبر شريانها الرئيسي ومتنفسها الوحيد والضامن الاول للحياة الايكولوجية للواد الاكبر وجنباته اذا كنا نتحدث عن الاستدامة والحفاظ و تثمين الموروث الطبيعي والبيئي للمنطقة .